كان ياما كان في حاضر
الأزمان، رجل يقال له جحا، وكان يحرص على ترائي هلال رمضان.
خرج جحا للبرية آخذا
منظاره مرتقبا لحظة ظهور هلال الشهر الفضيل، وبعد أن غابت الشمس رأى جحا الهلال
بصعوبة بالغة. فرح أيّما فرح وركب حماره مسرعا للقرية مبشرا بدخول الشهر.
قال له الناس: ويحك
يا جحا، أما تعلم أن الفلكيين قد قالوا بأن رؤية هلال هذا الشهر صعبة بل مستحيلة!
فإننا نكمل شعبان ثلاثين يوما.
فلما جاء العام
التالي، خرج حجا ليراقب السماء بمنظاره، فأبصر الهلال واضحا لا لبس فيه. فرح جحا
وركب حماره مسرعا للقرية صائحا في الناس أن الشهر قد دخل.
قال له الناس: ويحك يا جحا، أما تعلم أن الأقمار الصناعية قد أثبتت
الهلال من قبل أن يكون! فإننا نصوم وإن لم ير أحد الهلال.
فلما جاء العام
التالي، خرج حجا ليراقب السماء بمنظاره، فلم ير الهلال هذه المرة، ورجع إلى قريته
كسيفا، وما أن وصلها حتى قال للناس أنه لم ير الهلال، وأن يوم غد هو المكمل لشعبان.
قال له الناس: ويحك
يا جحا، أما تعلم أن الفلكيين قد قالوا بأن الهلال سيظهر فوق طرف الأرض الأقصى في
أمريكا الجنوبية، فالشهر داخل وإن لم يكن الهلال فوق سمائنا.
وهنا تكلم حمار جحا
وقال له: يا جحا، أما تراهم في السنة الأولى قد ردوا شهادتك لقول الفلكيين بصعوبة
الرؤية مع أن الهلال موجود في سمائنا، وهم الآن يثبتون الهلال لأنه موجود في سماء
غيرنا. ما أرادوا إلى الجدل، ويحك، قد عقلتها وأنا الحمار.