الثلاثاء، 22 يوليو 2014

تواتر الشر

الإعلام الجديد، حيث يدلي الكبير والصغير بدلائهم في كل بحر. تتطاير الآراء من هنا وهناك وتتصادم التيارات والأفكار وترمي بشررها عبر مواقع العالم الافتراضي.
تويتر، موقع التواصل الاجتماعي الذي بات الأكثر تأثيرا في المجتمع السعودي، أضحى ساحة للمعارك الفكرية، ومؤشرا على الرأي العام، بل ومحركا له. هناك من يعبّر عن أفكاره الخاصّة، وهناك من ينفّذ أجندة جهات مشبوهة، وهناك من يقول كلمة الحق يريد بها الباطل، وهناك من يصدّق كل دعوى، ويتعاطف مع كل صارخ.
ورغم أن كلمة تويتر باللغة الإنجليزية تعني المغرّد، فإن فئة من المغردين لدينا كثيرا ما تغرّد بالشتائم أو السخرية والانتقاص لكل من لا يوافقهم وكل ما لا يعجبهم، وما "الهاشتاقات" إلا شاهد على كثير من هذا.
يركب الطائرة مودّعا بلاده ومبتعثا إلى بلاد بعيدة كان يشاهدها على الشاشات فإذا به يعيش فيها. يرى مزايا مجتمع جديد تُحوِّل صورة مجتمعه القديم إلى كومة من العيوب. فيغرد ليل نهار بالشتائم والسخرية منتقدا ما يتسحق وما لا يستحق، يظن نفسه قد صار من كبار المثقفين. غرَته شهادته وذكاؤه. أما الحكمة فلعله لم يصطحبها معه في سفره. منهم من هذا حاله ولا أعمّم.
مستلقيا على سريره ممسكا بجواله يغرّد قبل أن ينام. يتذمّر من كل شيء، فقد كان على العالم أن يوفّر له حياة أكثر راحة، وما الضير في تذمّره, فهو كالآخرين، حيث أضحت "الحلطمة" فيما يبدو ثقافة للمجتمع.
كثيرون يميلون لأسلوب السخرية الضاحكة في نقدهم، علّ سخريتهم أن تنال استحسان المغردين فيكرمونه بـ "الريتويت" لتبلغ تغريدته الآفاق. ولعل عدد متابعيه أن يزداد، فالطيور على أشكالها تقع.
مائة وأربعون حرفا قد لا تكون كافية للتقديم للفكرة والتلّطف في طرحها وبيان تفاصيلها، وإنما هي جملة أو جملتين يطلقها المغرّد كالرصاصة لإبطال فكرة أو إسقاط شخص. ومن يدري، فقد تهوي به في النار سبعين خريفا.
نصر ابن سيّار، والي خراسان. تحسس فتنة العبّاسيين في أرضه فأرسل تغريدته الشهيرة إلى الخليفة في دمشق قائلا:
أرى خلل الرماد وميض نار ..... وتوشك أن يكون لها ضرامُ
وقد كان.
وها أنا اليوم أقوم بعمل "ريتويت" أو كما أسمّيه "ترديد" لتغريدته القديمة. لعلّ غافلا أن يسمع، ولعلّ نائيا أن يدنو.


وما أظن النار تخبو.



الجمعة، 10 يناير 2014

"عادي"

"عادي .. عادي" كلمة يدافع بها الكثيرون عن تصرفاتهم إذا ما قيل لهم بأن تصرفهم معيب وغير لائق فيبادرون بقولهم: "عادي", وقد يزيدون عليها عبارة "ليس حراما" وكأن كل ما هو ليس حراما فإنه لا عيب في فعله.
 قد تكون اعتدت على سماع مثل هذه التعبيرات, أما أنا فإنني أعتبر أن كلمة "عادي" هي كلمة "غير عاديّة" بل هي كلمة مرعبة تفتح الأبواب على المجهول حيث لا نعرف حدود الأدب والأخلاق, وحيث تُنكر الأعراف وتتستر المعايب بستار هذه الكلمة الخادعة.
لدي سؤال أبحث عن إجابته منذ زمن, ما هي الأمور والتصرفات غير العادية؟ أخبروني بها أو اكتبوها لي في ورقة لأتأملها وأحفظها, حتى لا أظل بقية حياتي أفاجأ في كل مرة بأن الأمر أو الفعل الفلاني هو أمر "عادي".

هاتوا هذه الورقة وبعدها فليفعل الناس ما يفعلون, لأنني سأكون مستعدا وسأعتبر بأن كل شيء "عادي".